اخبار

سعاد الخضر تكتب.. غضب عقار على صحافة تكتب تحت ظل شجرة

الرحيق المر

غضب عقار على صحافة تكتب تحت ظل شجرة

سعاد الخضر
في الوقت الذي فقد فيه مئات الصحفيين وظائفهم بعد اندلاع الحرب في الخرطوم وتغرق جزء كبير منهم في الولايات الامنة وهاجر الجزء الأكبر الى مصر ويوغندا وخلافها ورغم اننا تحصنا ببلادنا وٱثرنا أن نمكث فيها ونمد لها ايادينا بيضاء في وقت إتسعت فيها دائرة التٱمر من قوى الشر … متحملين اعباء الغربة داخل الوطن نغالب في دواخلنا الاحساس بالصدمة والحسرة على بلادنا التي اصبحت تسير نحو الهاوية بسرعة الصاروخ. نغالب احساس التشرد والنزوح لنتجرد منه ونكتب عن معاناة المرابطين في مناطق الحرب فاوضاعهم اكثر مأساوية لانهم يتعرضون بين كل لحظة واخرى الى خطر الموت واخرين يسكنون في الشوارع ولسعات الشمس تحرقهم ٱناء النهار ولسعات البرد القارص تقلق مضاجعهم … ونكتب عن النازحين في معسكرات النزوح في دارفور ونحن نغالب دموعنا حيث يموت طفل خلال كل ساعتين بمعدل 12,أو 13طفل يوميا مثل هذه المعاناة تجعل معاناتنا نحن الاعلاميين نقطة في بحر من الهموم والجراح العميقة التي اصابت الشعب السوداني فكم من شهيد شاب فقده والديه وهم لايملكون سواه وكم فتاة اغتصبتها القوات الفاشمة وكم من اب اسرة اختطفته يد المنون لانه لم يجتمل أت يضيع حلمه في توفير الامن لاولاده وكم من وطني غيور مات حسرة على الوطن ؟ وكم من أم لحقت بفلذات كبدها لانها لم تستطع العيش بعدهم
وكم من عروس أو زوجة فقدت زوجها وعائلها الوحيد ؟
.ومن اجل هذه الآلآم التي شعر بها شعبنا واكتوى بنيرانها اثرتا إن نتحدى ظروفنا في زمن الانكسار وشراء الذمم وبيع الأوطان بابخس الاثمان قبلنا التحدي والعمل تحت ظل شجرة رغم كل ذلك خرج علينا نائب رئيس مجلس السيادة مالك عقار في الافطار الذي نظمه مركز عنقرة بفندق القراند ببورتسودان. ليبلغنا بأنه لايشعر بالرضا تجاه الاعلام السوداني
ولكنه عاد ليطبطب علينا كاالطفل الذي صفعه والده وعاد ليربت على كتفه بقوله(أنتم غير مقصرين ومافاشلين لكن تحتاجون الى ضبط الايقاع فاذا لم تنحدث باستمرار عن مشكلتك سينساها العالم)

وظلت العلاقة بين السلطة والاعلام محل شد وجذب حيث عانى الصحفيين من الاعتقالات والملاحقات الامنية طوال فترة حكم الانقاذ ولم يخلو سجل الفترة الانتقالية من توقيف الصحفيين

وقال عقار ( انا زعلان منكم ولكن بسيط واذا المسؤول اصابه رائش على الاعلامين ازالته منه) دور الاعلامي ليس ازالة الرائش ولكن تشخيص موضع الجرح وعلى الحكومة نفسها علاجه
لكن إقرار نائب رئيس مجلس السيادة
بعدم توفر البيئة الاعلامية المناسبة لعكس الانتهاكات التي ارتكبتها قوات الدعم السريع ضد السودانيين…. وإشارته الى أن ذلك تسبب في عدم زيادة الاهتمام العالمي بالأرواح التي اذهقت في السودان بسبب الحرب كما حدث في اوكرانيا وروسيا وغزة يمكن أن يكون هذا الإعتراف مدخل الحكومة لتصحيح أوضاع الاعلام في السودان.

وكما هو معلوم فإن الاعلام الرسمي هو الذي تديره الدولة ويشمل التلفزيون القومي والاذاعة السودانية وقناة النيل الأزرق النيل التي تمتلك الحكومة فيها أسهم ووكالة سونا للانباء وكان عليه أن يحاكم اولا الاعلام الرسمي الذي
لايخفى على المتابع اخفاقاته في وقت السلم فمابالك في وقت الحرب؟ فقناة االنيل الازرق تعاني من سيطرة لوبيهات تفرض بدورها أسماء محددة عجزت عن تطوير القناة ولو حاولت كصحفي أن تحاول كسر ذلك اللوبي ستكون عرضة لسرقة أفكارك او تصطدم بمافيا الاعلانات التي تتعمد فرض
لون برامجي محدد موغل في ترسيخ أن الشعب السوداني لايمتلك من ثروات ثقافية سوى تراث غني من الأغاني
على الرغم من ادراك هذه المافيا أن السودان يتمتع بثروات ثقافية هائلة
يمكن أن تجذب العالم بأسره إليه

أما في فترة الحرب بعد توقف الصحف والتلفزيون والإذاعة وبقية القنوات والاذاعات شعرنا نحن الاعلاميين باليتم
وكنا في تلك الفترة كالاحياء الاموات
وبعد ان تنفسنا الصعداء بعودة التلفزيون والاذاعة واستبشرنا خيرا بميلاد قناة الزرقاء لكن المشهد لم يتغير كثيرا
فقد اكتفت ادارة التلفزيون القومي بتكرار بث الأغاني الحماسية على مدار الساعة التي أكد عقار انها غير كافية لأن مفعولها ينتهي عند الطلقة الأولى
ويصاحب ذلك انتاج برامجي خجول
مما اتاح لقناني الحدث والعربية ان تقتل قضايا الحرب بحثا ولكن حسب اجندتهما.

ولابد من التأكيد على أن عدم اتاحة الفرص لجميع الاعلاميين في هذه المرحلة الحرجة سيكون منتوجه اعلام خجول عاجز عن عكس قضية شعبنا
نحن كصحفيين كنا ومازلنا نتطلع الى صحافة مستقلة لكن لابد من التأمين على الدور الذي يجب ان تلعبه الحكومة الوطنية تجاه الاعلام باعتباره قطاع سيادي ولا أعني من ذلك سوى التأكيد على أهميته.

ولدينا تجربة مشرفة حيث ان الصحافة السودانية الى حد ما استطاعت تحقيق استقلاليتها رغم أن الحكومة حاولت عبر تحكمها في الجزء الاكبر من الاعلانات تحجيم الصحف
ولانريد ان تنطبق علينا المقولة التي رددها عقار لم يتعلموا ولم يتغيروا
بعد نهاية الحرب ونتطلع الى استشراق عهد جديد في الاعلام السوداني ينتهي فيه دور شلة اليسار واليمين التي ظلت تتحكم في موارد الدولة واامنظمات العالمية المخصصة للاعلام والنتيجة للاسف صفر كبير والخاسر الأكبر هو السودان كما ظهر ذلك جليا في هذه المرحلة الحرجة من تاريخ بلادنا التي تواجه معركة وجودية فمهما تسلحت بالعتاد العسكري ولسانها عاجز عن الدفاع عنها فستأكلها الضباع في العالم ولولا دورالمقاومة الشعبية التي التفت حول الجيش لاستطاع المتٱمرون تنفيذ
اجندتهم
ومن سخريات القدر اننا كصحفيين رغم جهودنا التي بذلناها لتحقيق التغيير وعكس هموم شعبنا ليس لنا لدى الدولة اي حق لأننا نعمل في صحف يملكها القطاع الخاص وهذا لعمري وضع مشوه كشفته الحرب فرغم الدور العظيم الذي قام به القطاع الخاص في النهوض بمهنة المتاعب الا انه لايستطيع المغامرة بالعمل في ظل الحرب بسبب تعرضه لخسائر فادحة … اذا من يدافع عن الوطن في حال غياب الصحافة الوطنية .؟ وكيف ندافع عنه ونحن خسرنا منابرنا ؟
وكان لابد لوزير الثقافة والاعلام جراهام عبد القادر ان يدير هذا الملف بحنكة بدلا من القاء اللوم علينا وكان يمكن تكوين غرفة طوارئ للاستفادة من خبرات الاعلاميين في عكس الانتهاكات التي حدثت في الحرب والوقوف على معاناة المواطنين وحث الحكومة على معالجتها
نحتاج في الفترة المقبلة بعد أن تضع الحرب اوزارها الى عقد جديد للعلاقة بين الحكومة والاعلام بحيث لاتستخدم الدولة امكانياتها وسلطاتها لتحجيم دوره ولاتحرمه من التمويل غير المباشر وايقاف الاصرار على سيطرة الاعلام المدجن كما هو الحال الان .

..

Mariod Ads

مريود برس دقة الخبر واعتدال الرأي موقع إخباري شامل

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى