*سكة قلم*
*د.خالد مريود*
mariodmariod10@gmail.com
*لماذا البنك الزراعي..؟*
كنتُ كغيرى ممن شردتهم هذه الحرب اللعينة التى تخوضها قواتنا المسلحة بكل شرف وبسالة.. قد خرجت مثل الكثيرين ورغم الخيارات التى أمامى إخترت طوعا ولاية القضارف ولذلك لسبب بسيط أنى من المفتونين جدا بالطبيعة والخضرة وجمال الريف وبساطته.
وقد مكثت فيها أياما تجولت خلالها فى أحيائها وأسواقها وأزقتها ودروبها ثم مالبثتُ أن يممت وجهى نحو محلية ودالحليو التابعة لولاية كسلا وقد أدهشتنى حقا تلك المساحات الخضراء الممتدة حيث ما إلتفت.. وفور وصولى إتجهت صوب شاطئ نهر ستيت الهادر.. تجولت فى عددا من سواقيها الخضراء ومزارعها الممتدة.. إلتقيت بعدد من أهلها الممتهنين الزراعة من سنين طوال لأعود منها للقضارف التى لم أمكث فيها طويلا هذه المرة متجها نحو محلية الفاو التى أتيحت لى الفرصة فيها زيارة واحدة من أهم المؤسسات الزراعية فى السودان (مشروع الرهد الزراعي) ولقاء مديره ومدير الزراعة به الذى تجولت معه برفقة آخرين لنقف على تجربة متفردة وناجحة جدا وقد ألجمتنى الدهشة فقد كان صاحبها شابا فى ريعان الشباب جاء للفاو نازحا مثلى تماما ليختار الزراعة رغم تعدد الخيارات أمامه و من حكايته التى سمعتها منه كان بإمكانه الذهاب لأي دولة خارج السودان بما يملك من إمكانات مادية ويختار مايشاء من مشروعات (البزنس) لكنه إختار (درب) الزراعة وبدهشة أكبر حين حكى لى أنه قام بزراعة مساحة تتجاوز ال الستمائة وخمسون فدانا من محاصيل مختلفة الفضل والتمويل فيها بعض الله عز وج للبنك الزراعي.
وفى اليوم الثالث رحلت نحو (الصعيد) فى رحلة تجاوزت الساعتين والنصف الى محلية المفازة ما أدراك ما المفازة أرض البشر والترحاب والكرم النبيل كانت جميعها مساحات خضراء مزروعة جلها قد أزهر وأورق وأينع.
أكثر من ستة وثلاثين قرية وتزيد كانت جميعها بساطا أخضرا مبشرا بالخير الوفير للسودان وأهله،
وعند وصولى (المفازة) كان العجب العجاب من حركة دؤوبة للناس والآليات الزراعية.
والمفازة لم أستطع وصفها غير أنى أقول إن جاز الوصف والتعبير أنها (جنة الله فى أرضه).
تلك الأرض البكر الخصبة التى تمتد أميالا على ضفتى نهر الرهد هبة الله.
وعندما تجولت فى المدينة لم أجد مؤسسة مالية غير البنك الزراعي.
نعم هو الوحيد واقفا شامخا صامدا وهو الوحيد الذى إختار تلك المناطق البعيدة ليقف جوار أهلها داعما ومساندا لهم.
وجدت عددا من الجمعيات الزراعية النسوية تأخذ تمويلها منه لتفتح بيوتا وتخرج أجيالا وتعالج مرضى وتقيل عثرات.
والحديث عن البنك الزراعي ومايقدمه فى لتلك القرى والمناطق البعيدة يحتاج لكتابات وكتابات ومهما قلنا اوكتبنا فلن نوفيه حقه.
وقبل ان أختم اقول ماكان لكل هذا العطاء الضخم أن يتم لولا وجود إدارة عليا فى قمة هرمه تعرف كيف تخطط وتنفذ وتنجز لذلك إخترت الكتابة عنه طوعا وسأكتب ما استطعت لذلك سبيلا فى مقبل الأيام دفعاومساندة لهذا العطاء الكبير الممتد فى ظل ظروف حرجة تمر بها بلادنا وهناك الكثير من رسائل المزارعين التى سأضعها فى بريد مديره العام ونائبه مقبل الأيام بمشيئة الله تعالى
*سكة أخير*
غدا سأكتب عن تجربة فريدة لأحد المزارعين.. تجربة تستحق أن تكتب وتروى ليستفيد منها الآخرين فى مجال الزراعة