عزيزة بابور تكتب..السودان عضم حوت (صدمة الإمارات ).
عزيزة بابور
بدأت الإمارات في حشد مئات المنصات على مواقع التواصل الاجتماعي ، عبر حسابات مموّلة وصفحات تُدار من الخارج ، لشن هجوم واسع على الجيش السوداني ومؤسسات الدولة . كان واضحًا أن الإمارات تحاول بكل وسيلة تشويه صورة الجيش ، ودفع الرأي العام السوداني إلى الانقسام والتشكيك ، بهدف إنهاك بنية الدولة من الداخل .لم تتوقع أن يصطدم مشروعها التوسعي بمقاومة حقيقية كالتي واجهتها في السودان. فمنذ سنوات ، بدأت الإمارات التدخل في شؤون دول عديدة ، إما بالدعم العسكري ، أو التمويل السياسي ، أو عبر أخبار إعلامية تساهم في توجيه الرأي العام وتغيير مسارات الأحداث لصالحها، كما حدث في ليبيا واليمن و في بعض دول القرن الأفريقي.
لكن كان السودان (عظمة حوت) صدمته مختلفة . فعندما اصطدم المشروع الإماراتي بإرادة وطنية متمثلة في الجيش السوداني وقطاع واسع من الشعب السوداني ، وجد صانع القرار الإماراتي نفسه أمام واقع غير مألوف.
لم تعد الأموال قادرة على إختراق القرار السيادي. التصعيد الإعلامي يعكس مدى الصدمة التي تلقتها الإمارات حين فشلت في فرض أجندتها على السودان ، كما فعلت في دول أخرى . فلأول مرة ، تجد نفسها أمام قوة نظامية ترفض الانصياع، وشعب يمتلك ذاكرة نضالية وخبرة في مقاومة محاولات التبعية والتدخل الخارجي، و معركة السودان مع الإمارات لم تكن معلنة رسميًا لانكارهم ، لكنها كانت جلية على الأرض بكل تفاصيلها السياسية والإعلامية وحتى الاقتصادية . وبينما تواصل الإمارات استخدام أدواتها للضغط والتشويه ، يبقى رهان السودان الأكبر على وحدته الداخلية ، وعلى وعي شعبه بأهمية حماية قراره الوطني من كل تدخل أجنبي والإلتفاف على القوات المسلحة السودانية.
أعلنت محكمة العدل الدولية في لاهاي، يوم الخميس ١٠ أبريل ٢٠٢٥ ، قبول الحيثيات التي قدمتها حكومة السودان في شكواها ضد دولة الإمارات. حيث تحمل الحثيثيات مؤشرات كافية للسير في عمليات الدعوى، وأكدت المحكمة أن التحفظات التي قدمتها الإمارات في سياق دفاعها تُعتبر عمومية، مما يستدعي الكثير من التفصيل والتحديد لتوضيح النقاط المطروحة.
وتتعلق الدعوى السودانية التي تم تقديمها أمام محكمة العدل الدولية بطلب السودان اتخاذ تدابير مؤقتة بموجب “اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها”، حيث استمعت المحكمة لأول مرة إلى حيثيات القضية في الجلسات العلنية التي انطلقت يوم الخميس العاشر من أبريل عام الفين وخمسة وعشرون للميلاد(١٠/٤/٢٠٢٥) . وفي تلك الجلسات، قدم السودان سلسلة من البيانات التي تثبت تورط الإمارات في الحرب السودانية، لاسيما من خلال تزويدها لمليشيا الدعم السريع المتمردة بالأسلحة والعتاد الحربي، وهو ما مكن هذه المليشيا من ارتكاب جرائم الإبادة الجماعية في غرب دارفور، فضلاً عن العديد من الإنتهاكات لحقوق الإنسان . أيضاً قُدمت تفاصيل دقيقة حول رصد أجهزة المخابرات السودانية شحنات أسلحة كانت تأتي من الإمارات إلى مطارات تشاد، ومن ثم تُشحن براً إلى المليشيا في دارفور تحت غطاء المساعدات الإنسانية. كما أشارت الحيثيات إلى إنشاء الإمارات مستشفى ميداني في منطقة أم جرس لخدمة أغراض المليشيا، وهو ما يُظهر الدعم اللوجستي الكبير الذي قدمته الإمارات لهذه المليشيا.
وأيضاً قيام شركات تابعة لمليشيا الدعم السريع بالعمل في إستخراج الذهب، و يتم نقله إلى الإمارات مقابل تأمين إمدادات الأسلحة. إضافة إلى ذلك، تم العثور على مرتزقة من ودول أخرى خلال العمليات القتالية في الأراضي السودانية، وكان بعضهم يحمل وثائق تتعلق بالإمارات. وقد عُثر أيضًا على متعلقات أخرى تشير إلى ارتباط الإمارات بالمناطق التي كانت تسيطر عليها المليشيا في ولاية الخرطوم وجبل موية بولاية سنار وغيرها من المناطق.
وفي إطار سير القضية، أدرجت المحكمة جلسة استماع علنية ثانية في جدول أعمالها يوم الخميس العاشر من أبريل عام عشرين وخمسة وعشرون للميلاد الساعة الرابعة عصرًا حتى السادسة مساءً لمواصلة الاستماع إلى حيثيات القضية ومتابعة التحقيقات المتعلقة بالدعوى المقدمة من السودان ضد الإمارات.